مصيف جمصة السياحى
اهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلا وسهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلا ومرحبا بك يا
مصيف جمصة السياحى
اهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلا وسهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلا ومرحبا بك يا
مصيف جمصة السياحى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مصيف جمصة السياحى

بيـــــــــــــــــــع شـــــــــــــــــــــــــراء إيجـــــــــــــــــــــــــــــــــار
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» للشراء ب15 مايو بجمصة
طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ Emptyالسبت فبراير 16, 2013 6:27 pm من طرف Admin

» للشراء ب15 مايو بجمصة
طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ Emptyالسبت فبراير 16, 2013 6:26 pm من طرف Admin

» شقة للبيع بمصيف جمصة السياحى
طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ Emptyالسبت فبراير 16, 2013 6:23 pm من طرف Admin

» شقة للبيع بمصيف جمصة السياحى
طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ Emptyالسبت فبراير 16, 2013 6:21 pm من طرف Admin

» شقة للبيع بمصيف جمصة السياحى
طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ Emptyالسبت فبراير 16, 2013 6:19 pm من طرف Admin

» ارض فى 15 مايو فى مصيف جمصة
طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ Emptyالسبت فبراير 02, 2013 10:09 pm من طرف السيدمحمدعبدالدايم

» مطلوب أرض لعمل مزرعة
طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ Emptyالأحد نوفمبر 11, 2012 4:02 pm من طرف السيدمحمدعبدالدايم

» شقه لقطه فى مصيف جمصه للبيع
طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ Emptyالإثنين أكتوبر 29, 2012 3:55 pm من طرف السيدمحمدعبدالدايم

» شقة للبيع
طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ Emptyالأحد أكتوبر 07, 2012 8:09 pm من طرف السيدمحمدعبدالدايم

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
منتدى
التبادل الاعلاني

 

 طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
السيدمحمدعبدالدايم

السيدمحمدعبدالدايم


عدد المساهمات : 60
نقاط : 116
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 09/01/2011

طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ Empty
مُساهمةموضوع: طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ   طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ Emptyالأربعاء يوليو 18, 2012 1:01 pm

طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ :

31 - فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ سَنُبَيِّنُ طَبَقَاتِ الْمُجْتَهِدِينَ
عَلَى سَبِيلِ السَّرْدِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْبَسْطِ ؛ لِأَنَّ بَسْطَ
هَذَا الْمَوْضُوعِ تَكَفَّلَ بِهِ عِلْمُ تَارِيخِ التَّشْرِيعِ وَكُتُبُ
طَبَقَاتِ الْفُقَهَاءِ . وَقَدْ قَسَّمَ الْعُلَمَاءُ الْمُجْتَهِدِينَ
إِلَى الطَّبَقَاتِ الْآتِيَةِ :

أ - الْمُجْتَهِدُونَ الْكِبَارُ

وَهُمْ أَصْحَابُ الْمَذَاهِبِ الْمَعْرُوفَةِ وَالْمُنْدَثِرَةِ ،
وَكُلٌّ مِنْهُمْ لَهُ مَنْهَجُهُ الْخَاصُّ فِي الِاجْتِهَادِ تَأْصِيلًا
وَتَفْرِيعًا ، كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ
أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ ، الَّتِي يَعْتَنِقُهَا
الْكَثْرَةُ الْكَاثِرَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ
وَمَغَارِبِهَا . وَكَانَ يُعَاصِرُ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةٌ لَا يَقِلُّونَ
عَنْهُمْ مَنْزِلَةً ، وَإِنْ
-
ص
35
-
انْدَثَرَتْ مَذَاهِبُهُمْ كَالْأَوْزَاعِيِّ بِالشَّامِ ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِمِصْرَ ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيِّ بِالْعِرَاقِ . . . إِلَى غَيْرِ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ زَخَرَتْ بِهِمْ كُتُبُ الْخِلَافِ وَالتَّفَاسِيرِ وَشُرُوحِ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ .

ب - الْمُجْتَهِدُونَ الْمُنْتَسِبُونَ

وَهُمْ أَصْحَابُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَتَلَامِيذُهُمْ . وَهُمْ
يَتَّفِقُونَ مَعَ إِمَامِهِمْ فِي الْقَوَاعِدِ وَالْأُصُولِ . وَقَدْ
يَخْتَلِفُونَ مَعَهُ فِي التَّفْرِيعِ . وَآرَاؤُهُمْ تُعْتَبَرُ مِنْ
الْمَذْهَبِ الَّذِي يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ
رَأْيُهُ غَيْرَ مَرْوِيٍّ عَنْ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ كَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَكَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ ، وَكَالْمُزَنِيِّ لِلشَّافِعِيِّ . أَمَّا أَصْحَابُ أَحْمَدَ
فَكَانُوا رُوَاةً فَقَطْ لِأَحَادِيثِهِ وَآرَائِهِ الْفِقْهِيَّةِ
وَلَمْ يُؤْثَرْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ خَالَفَ إِمَامَهُ فِي
أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ . وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ وَأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ .

ج - مُجْتَهِدُو الْمَذَاهِبِ

وَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ مَعَ أَئِمَّتِهِمْ لَا فِي الْأُصُولِ وَلَا
فِي الْفُرُوعِ ، وَلَكِنْ يُخَرِّجُونَ الْمَسَائِلَ الَّتِي لَمْ يَرِدْ
عَنْ الْإِمَامِ وَأَصْحَابِهِ رَأْيٌ فِيهَا ، مُلْتَزِمِينَ مَنْهَجَ
الْإِمَامِ فِي اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ . وَرُبَّمَا يُخَالِفُونَ
إِمَامَهُمْ فِي الْمَسَائِلِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْعُرْفِ .
وَيُعَبِّرُونَ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ
اخْتِلَافِ الدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ ، وَلَكِنْ لِاخْتِلَافِ
الْعُرْفِ وَالزَّمَانِ ، بِحَيْثُ لَوْ اطَّلَعَ إِمَامُهُمْ عَلَى مَا
اطَّلَعُوا عَلَيْهِ لَذَهَبَ إِلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ . وَهَؤُلَاءِ
هُمْ الَّذِينَ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِمْ فِي تَحْقِيقِ الْمَذْهَبِ
وَتَثْبِيتِ قَوَاعِدِهِ وَجَمْعِ شَتَاتِهِ .

د - الْمُجْتَهِدُونَ الْمُرَجِّحُونَ

وَهَؤُلَاءِ مُهِمَّتُهُمْ تَرْجِيحُ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَلَى بَعْضٍ
، مُرَاعِينَ الْقَوَاعِدَ الَّتِي وَضَعَهَا الْمُتَقَدِّمُونَ فِي هَذَا
الْبَابِ ، وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ جَعَلُوا هَاتَيْنِ الطَّبَقَتَيْنِ - ج
، د - طَبَقَةً وَاحِدَةً .

هـ - طَبَقَةُ الْمُسْتَدِلِّينَ : وَهَؤُلَاءِ لَا يَسْتَنْبِطُونَ
وَلَا يُرَجِّحُونَ قَوْلًا عَلَى قَوْلٍ ، وَلَكِنْ يَسْتَدِلُّونَ
لِلْأَقْوَالِ ، وَيُبَيِّنُونَ مَا اعْتَمَدَتْ عَلَيْهِ ، وَيُوَازِنُونَ
بَيْنَ الْأَدِلَّةِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِلْحُكْمِ ، وَلَا بَيَانٍ
لِمَا هُوَ أَجْدَرُ بِالْعَمَلِ .

وَأَنْتَ إِذَا دَقَّقْتَ النَّظَرَ رَأَيْتَ أَنَّ هَذِهِ الطَّبَقَةَ لَا تَقِلُّ قَدْرًا عَنْ سَابِقَتَيْهَا ، إِذْ
-
ص
36
-
لَا يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ اشْتِغَالُهُمْ
بِالِاسْتِدْلَالِ لِلْأَحْكَامِ لَا يَنْتَهِي إِلَى تَرْجِيحِ رَأْيٍ
عَلَى رَأْيٍ . وَمِنْ هُنَا فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ
الطَّبَقَاتُ الثَّلَاثُ مُتَدَاخِلَةً .

32 - وَمِمَّنْ عُدُّوا فِي هَذِهِ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ
كَمُجْتَهِدِي مَذْهَبٍ أَوْ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ أَوِ
الْمُسْتَدِلِّينَ ، مِنْ الْحَنَفِيَّةِ : أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ ، وَالْجَصَّاصُ الرَّازِيُّ ، وَأَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ ، وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ ، وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ إِلَخْ .

وَمِنْ الْمَالِكِيَّةِ : أَبُو سَعِيدٍ الْبَرَادِعِيُّ ، وَاللَّخْمِيُّ ، وَالْبَاجِيُّ ، وَابْنُ رُشْدٍ ، وَالْمَازِرِيُّ ، وَابْنُ الْحَاجِبِ ، وَالْقَرَافِيُّ .

وَمِنْ الشَّافِعِيَّةِ : أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ ، وَالْقَفَّالُ الْكَبِيرُ الشَّاشِيُّ ، وَحُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ .

وَمِنْ الْحَنَابِلَةِ : أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْخِرَقِيُّ ، وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الْكَبِيرُ .

وَبِالرُّجُوعِ إِلَى هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ نَجِدُ أَنَّ
الْمُؤَرِّخِينَ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهِمْ وَفِي طَبَقَاتِهِمْ ،
وَلَكِنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ لَهُمْ قَدَمُ صِدْقٍ فِي
تَثْبِيتِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ ، وَلَهُمْ الْأَثَرُ الْبَعِيدُ فِي
بَقَائِهَا وَتَثْبِيتِ أَرْكَانِهَا .

33 - الْمُقَلِّدُونَ : وَهَؤُلَاءِ لَيْسَ لَهُمْ اجْتِهَادٌ ،
وَإِنَّمَا عَمَلُهُمْ فِي قُوَّةِ النَّقْلِ . وَهُمْ طَبَقَتَانِ :
طَبَقَةُ الْحُفَّاظِ ، وَطَبَقَةُ الِاتِّبَاعِ الْمُجَرَّدِ .

أ - طَبَقَةُ الْحُفَّاظِ :

هُمْ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ أَكْثَرَ أَحْكَامِ الْمَذْهَبِ
وَرِوَايَاتِهِ ، وَهُمْ حُجَّةٌ فِي النَّقْلِ لَا فِي الِاجْتِهَادِ ،
فَهُمْ حُجَّةٌ فِي نَقْلِ الرِّوَايَاتِ وَبَيَانِ أَوْضَحِهَا ، وَنَقْلِ
أَقْوَى الْآرَاءِ تَرْجِيحًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَجِّحُوا . وَيَقُولُ
فِيهِمُ ابْنُ عَابِدِينَ
: وَإِنَّهُمْ الْقَادِرُونَ عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْأَقْوَى
وَالْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ ، وَظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وَالرِّوَايَةِ النَّادِرَةِ ، كَأَصْحَابِ الْمُتُونِ الْمُعْتَبَرَةِ
كَصَاحِبِ الْكَنْزِ وَصَاحِبِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَصَاحِبِ
الْوِقَايَةِ وَصَاحِبِ الْمَجْمَعِ . وَشَأْنُهُمْ أَلَّا يَنْقُلُوا
فِي كُتُبِهِمْ الْأَقْوَالَ الْمَرْدُودَةَ وَالرِّوَايَاتِ الضَّعِيفَةَ ،
وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ عَمَلُهُمْ التَّرْجِيحَ ،
-
ص
37
-
وَلَكِنْ مَعْرِفَةُ دَرَجَاتِ التَّرْجِيحِ
وَتَرْتِيبُهَا عَلَى حَسَبِ مَا قَامَ بِهِ الْمُرَجِّحُونَ ،
وَيَخْتَلِفُونَ حِينَئِذٍ فِي نَقْلِ التَّرْجِيحِ ، فَقَدْ يَنْقُلُ
بَعْضُهُمْ تَرْجِيحَ رَأْيٍ عَلَى رَأْيٍ ، وَيَنْقُلُ الْآخَرُ خِلَافَ
ذَلِكَ ، فَيَخْتَارُ مِنْ أَقْوَالِ الْمُرَجِّحِينَ أَقْوَاهَا
تَرْجِيحًا وَأَكْثَرَهَا اعْتِمَادًا عَلَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ ، أَوْ
مَا يَكُونُ أَكْثَرَ عَدَدًا ، أَوْ مَا يَكُونُ صَاحِبُهُ أَكْثَرَ
حُجِّيَّةً فِي الْمَذْهَبِ .

وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ حَقُّ الْإِفْتَاءِ كَالسَّابِقِينَ ، وَلَكِنْ فِي
دَائِرَةٍ ضَيِّقَةٍ عَنْ الْأَوَّلِينَ . وَقَدْ قَالَ فِيهِمُ ابْنُ عَابِدِينَ
: وَلَا شَكَّ أَنَّ مَعْرِفَةَ رَاجِحِ الْمُخْتَلِفِ مِنْ مَرْجُوحِهِ
وَمَرَاتِبِهِ قُوَّةً وَضَعْفًا هُوَ نِهَايَةُ مَآلِ الْمُشَمِّرِينَ فِي
تَحْصِيلِ الْعِلْمِ . فَالْمَفْرُوضُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْقَاضِي
التَّثَبُّتُ فِي الْجَوَابِ ، وَعَدَمُ الْمُجَازَفَةِ فِيهِ ، خَوْفًا
مِنْ الِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِتَحْلِيلِ حَرَامِهِ
وَتَحْرِيمِ ضِدِّهِ .

وَنَرَى أَنَّ هَذِهِ الطَّبَقَةَ دِرَاسَتُهَا دِرَاسَةُ جَمْعٍ
وَتَصْنِيفٍ وَتَرْتِيبٍ لِلْأَقْوَالِ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ حَيْثُ
صِحَّةُ نَقْلِهَا ، لَا مِنْ حَيْثُ قُوَّةُ دَلِيلِهَا .

ب - الْمُتَّبِعُونَ :

نَقْصِدُ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ غَيْرَهُمْ فِي كُلِّ مَا
يَتَعَلَّقُ بِالْمَذْهَبِ ، فَيَتَّبِعُونَ مَنْ سَبَقَهُمْ فِي
الِاجْتِهَادِ وَفِي التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْآرَاءِ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ ،
وَفِي التَّرْجِيحِ فِي النَّقْلِ وَفِي سَلَامَتِهِ . فَهَؤُلَاءِ لَيْسَ
لَهُمْ إِلَّا فَهْمُ الْكُتُبِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَى التَّرْجِيحِ ،
فَلَا يَسْتَطِيعُونَ التَّرْجِيحَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ ، وَلَمْ
يُؤْتَوْا عِلْمًا كَعِلْمِ الْمُرَجِّحِينَ فِي أَيِّ بَابٍ مِنْ
أَبْوَابِ التَّرْجِيحِ وَتَمْيِيزِ دَرَجَاتِ التَّرْجِيحِ . وَهَؤُلَاءِ
قَالَ فِيهِمُ ابْنُ عَابِدِينَ
: لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْغَثِّ وَالسَّمِينِ ، وَلَا يُمَيِّزُونَ
الشِّمَالَ مِنْ الْيَمِينِ ، بَلْ يَجْمَعُونَ مَا يَجِدُونَ كَحَاطِبِ
لَيْلٍ ، فَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِمَنْ قَلَّدَهُمْ .

وَإِنَّ هَذَا الصِّنْفَ مِنْ الْمُتَّبِعِينَ قَدْ كَثُرَ فِي
الْعُصُورِ الْأَخِيرَةِ ، فَهُمْ يَعْكُفُونَ عَلَى عِبَارَاتِ الْكُتُبِ ،
لَا يَتَّجِهُونَ إِلَّا إِلَى الِالْتِقَاطِ مِنْهَا ، مِنْ غَيْرِ
قَصْدٍ لِتَعَرُّفِ دَلِيلِ مَا
-
ص
38
-
يَلْتَقِطُونَ ، وَيَبْنُونَ عَلَيْهِ ، بَلْ يَكْتُمُونَ
بِأَنْ يَقُولُوا : هُنَاكَ قَوْلٌ بِهَذَا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ
دَلِيلٌ قَوِيٌّ .

وَلَقَدْ كَانَ لِهَذَا الْفَرِيقِ أَثَرَانِ مُخْتَلِفَانِ :
أَحَدُهُمَا خَيْرٌ ، وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ ، فَإِنَّهُ
إِذَا كَانَ الْقَضَاءُ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِالرَّاجِحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ،
فَإِنَّ هَؤُلَاءِ عَمَلُهُمْ الِاتِّبَاعُ لِهَذَا الرَّاجِحِ ، وَفِي
ذَلِكَ ضَبْطٌ لِلْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فُرُطًا .
وَتَقْيِيدُ الْقَضَاءِ فِي الْأَزْمَانِ الَّتِي تَنْحَرِفُ
فِيهَا الْأَفْكَارُ وَاجِبٌ ، بَلْ إِنَّ الِاتِّبَاعَ لَا يَكُونُ
حَسَنًا إِلَّا فِي الْأَحْكَامِ الْقَضَائِيَّةِ .

الْأَثَرُ الثَّانِي : أَنَّ هَذَا فِيهِ تَقْدِيسٌ لِأَقْوَالِ
الْفُقَهَاءِ السَّابِقِينَ ، وَاعْتِبَارُ أَقْوَالِهِمْ حُجَّةً
سَائِغَةً مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى قُوَّةِ الدَّلِيلِ ، وَمِقْدَارِ
صِلَةِ الْقَوْلِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَمِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى
صَلَاحِيَتِهِ لِلتَّطْبِيقِ ، وَقَدْ اخْتَلَطَ الْحَابِلُ بِالنَّابِلِ .
وَقَدْ كَانَ لِهَذَا أَثَرٌ فِي الْبِيئَاتِ الَّتِي تُحَاوِلُ أَنْ
تَجِدَ مُسَوِّغًا لِمَا تَفْعَلُ ، فَيُسَارِعُ الْمُرَاءُونَ
الْمُتَمَلِّقُونَ إِلَى تَبْرِيرِ أَفْعَالِ بَعْضِ ذَوِي النُّفُوذِ ،
بِذِكْرِ أَقْوَالٍ شَاذَّةٍ ، فَيَتَعَلَّقُ هَؤُلَاءِ بِأَنَّ بَعْضَ
الْعُلَمَاءِ أَجَازُوا مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ وَمَا ارْتَكَبُوهُ مِنْ
أَفْعَالٍ ، أَيًّا كَانَ قَائِلُهُ وَأَيًّا كَانَتْ حُجَّتُهُ ، بَلْ
أَيًّا كَانَتْ سَلَامَةُ نَقْلِهِ أَوْ قُوَّتُهُ فِي الْمَذْهَبِ الَّذِي
دَوَّنَ فِي كُتُبِهِ ، ثُمَّ يَنْثُرُ هَؤُلَاءِ الْمُتَمَلِّقُونَ
ذَلِكَ نَثْرًا فِي الْمَجَالِسِ ، مُبَاهَاةً بِكَثْرَةِ الْعِلْمِ .
فَالْوَيْلُ لِهَؤُلَاءِ ، وَالْوَيْلُ لِمَنْ قَلَّدَهُمْ ، وَالْوَيْلُ
لِمَنْ يَأْخُذُ كَلَامَهُمْ حُجَّةً فِي الدِّينِ ، وَالْوَيْلُ لِمَنْ
يُشَجِّعُهُمْ .

34 - فِي عُصُورِ الِاجْتِهَادِ الْمُخْتَلِفَةِ ، سَوَاءٌ
أَكَانَ مُطْلَقًا أَمْ مُقَيَّدًا ، بَلْ وَفِي عُصُورِ التَّقْلِيدِ ،
لَمْ نَجِدْ أَحَدًا مِنْ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْفِقْهِ اعْتَمَدَ فِي
اسْتِنْبَاطِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ عَلَى غَيْرِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ ،
وَلَمْ يَتَّجِهْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَى الْأَخْذِ مِنْ الْقَانُونِ
الرُّومَانِيِّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْقَوَانِينِ الَّتِي كَانَتْ
سَائِدَةً فِي الْبِلَادِ الْمَفْتُوحَةِ .

وَعَلَى الَّذِينَ يُشَكِّكُونَ فِي أَنَّ فُقَهَاءَنَا قَدْ اعْتَمَدُوا عَلَى الْقَانُونِ الرُّومَانِيِّ فِي
-
ص
39
-
اسْتِنْبَاطِهِمْ أَنْ يَدُلُّونَا عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ
اعْتَمَدُوا فِيهِ عَلَى هَذَا الْقَانُونِ أَوْ غَيْرِهِ ، فَإِنْ وُجِدَ
حُكْمٌ مُطَابِقٌ لِمَا فِي الْقَانُونِ الرُّومَانِيِّ فَلَيْسَ مَعْنَى
هَذَا أَنَّهُ مُسْتَنْبَطٌ مِنْهُ ، بَلْ هُوَ مِمَّا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ
الْفِطَرُ السَّلِيمَةُ وَمِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ تَخْتَلِفْ
بِاخْتِلَافِ الْعُصُورِ وَالْأَزْمَانِ . وَعِنْدَ النَّظَرِ فِي مَصْدَرِ
هَذِهِ الْأَحْكَامِ - إِنْ وُجِدَتْ - سَنَجِدُ أَنَّهَا مُعْتَمِدَةٌ
عَلَى أَصْلٍ شَرْعِيٍّ


بَقَاءُ الْمَذَاهِبِ وَانْتِشَارُهَا :

35 - مِمَّا تَقَدَّمَ عَلِمْنَا أَنَّ هُنَاكَ مَذَاهِبَ انْدَثَرَتْ ،
وَأُخْرَى بَقِيَتْ وَنَمَتْ . وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُؤَرِّخِينَ
إِلَى أَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى قُوَّةِ السُّلْطَانِ وَالنُّفُوذِ .

وَهَذَا الْقَوْلُ عَلَى إِطْلَاقِهِ - مَرْدُودٌ - فَقَدْ يَكُونُ
لِلسُّلْطَانِ وَالنُّفُوذِ بَعْضُ الْأَثَرِ فِي بَقَاءِ مَا بَقِيَ مِنْ
الْمَذَاهِبِ وَانْتِشَارِهِ ، وَلَكِنَّ هَذَا الْأَثَرَ ضَئِيلٌ ، إِذْ
إِنَّ الدَّوْلَةَ الْعَبَّاسِيَّةَ - وَكَانَ نُفُوذُهَا مُمْتَدًّا عَلَى
جَمِيعِ الْأَقْطَارِ الْإِسْلَامِيَّةِ - كَانَ الْقَضَاءُ بِيَدِ
الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيِّينَ ، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّنَا نَجِدُ أَنَّ
مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ لَمْ يَجِدْ لَهُ أَتْبَاعًا فِي الشَّمَالِ
الْإِفْرِيقِيِّ أَوْ فِي مِصْرَ إِلَّا قِلَّةً قَلِيلَةً ، بَلْ إِنَّ الْكَثْرَةَ الْكَثِيرَةَ مِنْ بِلَادِ فَارِسَ
كَانَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ هُوَ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِهَا
يَوْمَئِذٍ ، وَكَانَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ إِبَّانَ هَذِهِ الدَّوْلَةِ
قَاصِرًا عَلَى الْعِرَاقِ وَبِلَادِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَبَعْضِ بِلَادِ فَارِسَ
. كَمَا أَنَّ الدَّوْلَةَ الْعُثْمَانِيَّةَ وَكَانَ سُلْطَانُهَا
يَمْتَدُّ عَلَى أَكْثَرِ الْبِلَادِ الْإِسْلَامِيَّةِ كَانَ مَذْهَبُهَا
الرَّسْمِيُّ هُوَ الْمَذْهَبَ الْحَنَفِيَّ ، وَكَانَ الْقَضَاءُ فِي
كُلِّ السَّلْطَنَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ فِي عُلَمَاءِ هَذَا الْمَذْهَبِ ،
وَمَعَ هَذَا نَجِدُ أَنَّ الشَّمَالَ الْإِفْرِيقِيَّ كُلَّهُ لَا
يَنْتَشِرُ فِيهِ إِلَّا مَذْهَبُ مَالِكٍ ، اللَّهُمَّ إِلَّا النَّزْرَ الْيَسِيرَ فِي عَاصِمَةِ تُونُسَ فِي بَعْضِ الْأُسَرِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أَصْلٍ تُرْكِيٍّ . وَكَذَلِكَ الْحَالُ فِي مِصْرَ ، فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِهَا شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ وَمِنْهُمْ الْمَالِكِيُّونَ فِي صَعِيدِ مِصْرَ أَوْ فِي مُحَافَظَةِ الْبُحَيْرَةِ
، وَلَا نَجِدُ الْحَنَفِيِّينَ إِلَّا قِلَّةً قَلِيلَةً مُنْحَدِرَةً
مِنْ أَصْلٍ تُرْكِيٍّ أَوْ شَرْكَسِيٍّ أَوْ تَمَذْهَبَ بِهَذَا
الْمَذْهَبِ طَمَعًا فِي تَوَلِّي الْقَضَاءِ . . . وَإِنْ كَانَتْ
حَلَقَاتُ الدِّرَاسَةِ فِي الْأَزْهَرِ عَامِرَةً بِطُلَّابِ هَذَا
الْمَذْهَبِ ، وَلَكِنَّ الْعَامَّةَ إِمَّا شَافِعِيُّونَ أَوْ
مَالِكِيُّونَ ، فَأَيْنَ تَأْثِيرُ السُّلْطَانِ فِي فَرْضِ مَذْهَبٍ
خَاصٍّ ؟ .

-
ص
40
-
وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي شِبْهِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَمَنَاطِقِ الْخَلِيجِ
، فَقَدْ كَانَتْ كُلُّهَا تَابِعَةً لِلدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ ،
وَمَعَ ذَلِكَ نَرَى أَنَّ الْمَذَاهِبَ الْمُنْتَشِرَةَ فِي هَذِهِ
الْمَنَاطِقِ هِيَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ، وَرُبَّمَا
الشَّافِعِيَّةِ ، وَلَا وُجُودَ لِمُعْتَنِقِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ
إِلَّا شِرْذِمَةً قَلِيلَةً .

وَالْحَقُّ أَنَّ بَقَاءَ مَذْهَبٍ مَا أَوِ انْتِشَارَهُ يَعْتَمِدُ -
أَوَّلًا وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ - عَلَى ثِقَةِ النَّاسِ بِصَاحِبِ
الْمَذْهَبِ وَاطْمِئْنَانِهِمْ إِلَيْهِ ، وَعَلَى قُوَّةِ أَصْحَابِهِ
وَدَأْبِهِمْ عَلَى نَشْرِهِ وَتَحْقِيقِ مَسَائِلِهِ وَتَيْسِيرِ فَهْمِ
هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِحُسْنِ عَرْضِهَا .

التَّقْلِيدُ :

36 - يُبَالِغُ بَعْضُ النَّاسِ فِي الطَّعْنِ عَلَى مَنْ قَلَّدَ
عَالِمًا فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ دِينِهِ ، وَرُبَّمَا شَبَّهَ
بَعْضُهُمْ الْمُقَلِّدِينَ بِالْمُشْرِكِينَ فِي قَوْلِهِمْ : ( طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ MEDIA-B2 إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ MEDIA-B1 )

وَالْحَقُّ أَنَّ التَّقْلِيدَ فِي الْعَقَائِدِ وَالْمَسَائِلِ
الْأَسَاسِيَّةِ فِي الدِّينِ ، وَهِيَ الْمَعْلُومَةُ مِنْ الدِّينِ
بِالضَّرُورَةِ لَا تَقْلِيدَ فِيهَا لِعَالِمٍ ، مَهْمَا كَانَتْ
مَكَانَتُهُ ، بَلْ لَا بُدَّ مِنِ اقْتِنَاعٍ تَامٍّ بِثُبُوتِهَا عَنْ
صَاحِبِ الشَّرْعِ وَلَوْ بِصِفَةٍ إِجْمَالِيَّةٍ . أَمَّا الْمَسَائِلُ
الْفَرْعِيَّةُ الَّتِي تَتَطَلَّبُ النَّظَرَ فِي الْأَدِلَّةِ
التَّفْصِيلِيَّةِ فَإِنَّ تَكْلِيفَ الْعَامَّةِ بِالنَّظَرِ فِي
الْأَدِلَّةِ تَكْلِيفٌ شَاقٌّ لَا تَسْتَقِيمُ مَعَهُ الْحَيَاةُ ، إِذْ
لَوْ كَلَّفْنَا كُلَّ مُسْلِمٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ
نَظْرَةَ الْمُجْتَهِدِ فَإِنَّ الصِّنَاعَاتِ سَتَتَعَطَّلُ ، وَمَصَالِحَ
النَّاسِ سَتُهْمَلُ . وَمَا لَنَا نُطِيلُ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ
وَسَلَفُ الْأُمَّةِ - وَهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ كَمَا شَهِدَ لَهُمْ
الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ
مُجْتَهِدِينَ ، بَلْ كَانَ الْمُجْتَهِدُونَ قِلَّةً قَلِيلَةً ، وَكَانَ
الْمُكْثِرُونَ مِنْهُمْ لَا يَتَجَاوَزُونَ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ شَخْصًا .


عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَجْتَهِدَ فَعَلَيْهِ أَنْ
يَجْتَهِدَ مَتَى تَوَفَّرَتْ لَهُ أَسْبَابُهُ وَتَوَفَّرَتْ فِيهِ
شُرُوطُهُ الَّتِي سَنُبَيِّنُهَا بِالتَّفْصِيلِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ -
فِي الْمُلْحَقِ الْأُصُولِيِّ لِهَذِهِ الْمَوْسُوعَةِ .
-
ص
41
-


وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ بَعْضَ هَؤُلَاءِ الْمُغَالِينَ يَقُولُ :
إِنَّهُ يَكْفِي الشَّخْصَ لِيَكُونَ مُجْتَهِدًا أَنْ يَكُونَ لَدَيْهِ
مُصْحَفٌ وَسُنَنُ أَبِي دَاوُدَ
وَقَامُوسٌ لُغَوِيٌّ ، فَيُصْبِحُ بِذَلِكَ مُجْتَهِدًا لَا حَاجَةَ
لَهُ إِلَى تَقْلِيدِ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، فَلَوْ
أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْمُصْحَفِ وَبِسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ
وَالْقَامُوسِ لَكَانَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ مُجْتَهِدِينَ ؛ لِأَنَّهُمْ إِمَّا
عَرَبٌ خُلَّصٌ ، أَوْ نَشَأُوا فِي بِيئَةٍ عَرَبِيَّةٍ خَالِصَةٍ ،
وَشَاهَدُوا أَحْدَاثَ التَّنْزِيلِ ، وَقَرِيبُو عَهْدٍ بِرَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَلِكَ الِادِّعَاءُ يُكَذِّبُهُ
الْوَاقِعُ . وَالْقَوْلُ بِأَنَّ تَقْلِيدَ الْأَئِمَّةِ فِي الْأُمُورِ
الظَّنِّيَّةِ شِرْكٌ وَتَأْلِيهٌ لَهُمْ ، قَوْلٌ لَا أَصْلَ لَهُ ،
فَلَيْسَ هُنَاكَ أُمِّيٌّ - فَضْلًا عَنْ مُتَعَلِّمٍ - يَرَى أَنَّ
لِلْأَئِمَّةِ حَقَّ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ الَّذِي هُوَ حَقٌّ
خَالِصٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، بَلْ كُلُّ مَا يُعْتَقَدُ
فِيهُمْ أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ أَوْ ذَاكَ مَوْثُوقٌ بِعِلْمِهِ مَوْثُوقٌ
بِدِينِهِ أَمِينٌ عَلَى دِينِ اللَّهِ غَيْرُ مُتَّهَمٍ . وَمِنْ
الْعَجَبِ أَنَّ أَكْثَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الِاجْتِهَادَ
وَيَدْعُونَ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ لَا يُحْسِنُ أَحَدُهُمْ أَنْ
يَقْرَأَ آيَةً صَحِيحَةً مِنْ الْمُصْحَفِ ، فَضْلًا عَنْ أَنْ
يَسْتَنْبِطَ مِنْهَا حُكْمًا شَرْعِيًّا ، فَأَقَلُّ مَا يَجِبُ أَنْ
يَتَّصِفَ بِهِ الْمُجْتَهِدُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّقًا فِي اللُّغَةِ
الْعَرَبِيَّةِ ، عَالِمًا بِالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ ، وَالْعَامِّ
وَالْخَاصِّ وَالْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا
يَتَطَلَّبُ إِعْدَادًا خَاصًّا لَا يَتَوَفَّرُ إِلَّا لِلْقِلَّةِ
الْقَلِيلَةِ الْمُتَفَرِّغَةِ .

37 - وَبِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ الْمُسْلِمُ
أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الضَّرُورِيِّ أَنْ يَلْتَزِمَ الشَّخْصُ مَذْهَبًا
خَاصًّا فِي عِبَادَاتِهِ وَمُعَامَلَاتِهِ ، بَلْ إِذَا نَزَلَتْ بِهِ
نَازِلَةٌ أَوْ عَرَضَتْ لَهُ مُشْكِلَةٌ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَلْتَمِسَ
الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ مِنْ شَخْصٍ مَوْثُوقٍ بِعِلْمِهِ مَوْثُوقٍ
بِدِينِهِ ، يَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ قَلْبُهُ . وَهَذَا فِي غَيْرِ
الْمَسَائِلِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ لَا
يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلٌ لِقَائِلٍ غَيْرَ مَا عُرِفَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ . فَمَهْمَا أَفْتَى بَعْضُ النَّاسِ بِحِلِّ
الرِّبَا أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ ، أَوْ تَرْكِ الصَّلَاةِ
وَالِاسْتِعَاضَةِ عَنْهَا بِالصَّدَقَةِ مَثَلًا ، فَلَا يَقْبَلُ
قَوْلَهُ ، وَلَا تَكُونُ فَتْوَى مِثْلِ هَؤُلَاءِ عُذْرًا يُعْتَذَرُ
بِهِ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
طَبَقَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْفُقَهَاءِ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مصيف جمصة السياحى :: الاسلاميات :: الفقه وأصولة-
انتقل الى: